ليبيا ... (وصف الدواء)

بسم الله الرحمن الرحيم

دواء الداء الذي أثخنت جراحه الوطن - ووصفته في مقال سابق - يكمن في أربع:

1- أن يتكلم الليبيون جميعا بخطاب واحد، وبصوت عال، لا يخشى أحدا، يقول: ليس من حق أي جماعة، أو جهة، أو مؤسسة في البلد، أيا كان انتماؤها الفكري، أو أطلقت على نفسها من الأسماء، وأيا كان وجودها المكاني، في شرق البلد أو غربها أو جنوبها، وأيا كانت مبرراتها من فاقة وحرمان وتظلم - أن تستغل في هذا الظرف غياب القانون لتحقيق مكاسب بالقوة، أو تدعو إلى فُرقة أو جِهوية أو تقسيم للبلد تحت أي اسم؛ فدرالية أو غير فدرالية ، فلم يقدم الليبيون أرواحهم ودماءهم الزكية من أجل تقديمِ طلبٍ لتدخل الأمم المتحدة!

2- التمسك بقوة دون تردد بشرعية المؤتمر الوطني العام، لقطع الطريق عن المخططات الكيدية للوطن، وهذا يستدعي من الليبيين جميعا أن يعتبروا المؤتمر الوطني العام هو ولي الأمر الذي يمثل الشرعية، وتجب طاعته، لقول الله تعالى: (يا أيها اذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

لأن البديل الذي تخطط له الثورة المضادة هو إدخال البلاد في فوضى  التقسيم والتقاتل القبلي والجهوي، والسلب والنهب، حتى إذا ما أُنهك الناسُ وأُحبطوا، وأصابهم اليأس، قدموا لهم مُنقذا، معه (خارطة طريق)، يعدهم ويُمَنِّيهم في أول إعلان، ثم في اليوم الثاني يداهمهم الموت الزؤام، ويعود الأمر كما كان!

   

 3- الثوار المكلفون بحفظ الأمن، مطالبون أن يُروا الناس من أنفسهم خيرا، ويكونوا يدا واحدة، وعينا ساهرة، وفي مستوى المسؤولية التي حُمِّلُوها، أمانة ووفاء وانضباطا، فإن ممتلكات الناس، وأرواحهم، وحرماتهم، وممتلكات الدولة، أمانة في أعناقهم.

فهم بتكليفهم لحفظ الأمن، اكتسبوا الشرعية، فمن خرج عليهم بالسلاح يعيقهم عن ذلك، يُعد باغيا يحل قتاله شرعا، لقول الله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله).

وليحرصوا على أمر عزيز نفيس:

لا تختلفوا أيها الخيرون مهما رأى بعضكم نفسه قد بَذل  وحُرم، وغيره استغنى ولم يبذل!

لا تختلفوا مهما هلك الهالكون على المال، وجمعوا منه الغنائم، وعقدوا الصفقات، فإنها صفقات من نار، ورصيد من العذاب والبوار!

ولتعلموا أيها الكرام ... كما أن في البلد تجار خمور ومخدرات، بها أيضا تجار سلاح صاروا من أصحاب الملايين! وتجار سياسة صاروا من أصحاب الملايين! وتجار ثورة صاروا بالثورة من أصحاب الملايين!

لكن جميع هؤلاء وغيرهم تجارتهم خائبة خاسرة بائرة كاسدة، إلا تجارة واحدة ... هي الرابحة الكاسبة لن تبور! تجارة الصادقين مع ربهم الذين يعطون لوطنهم حتى يُقام الحق ويقف على قدميه عزيزا شامخا، ويبذلون من أجل جمع الكلمة على الدين، ولا يمنون ولا يحاسبون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَ‌ٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَ‌ٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

4- إذا أردنا أن يرفع الله عنا البلاء، ويجنبنا الفتن، ويكف عنا بأس الذين ظلموا، فعلينا أن نتوب ونرجع إلى الله، فإنه لم تنزل عقوبة إلا بذنب، ولم تُكشف إلا بتوبة ...

التوبة العاجلة من الربا!

التوبة من الخمور والمخدرات!

التوبة من التجارة في السلاح!

التوبة من نهب الأموال العامة والخاصة!

التوبة من نفاق السياسة والكذب!

التوبة من التضليل الإعلامي في "الفيس بوك" والقنوات الفضائية!

التوبة من التعصب للقبلية والجهوية والمحاصّة على حساب الحق والوطن!

توبة المسؤول والوزير والكبير الذي يرى الخلل ويسكت، أو يتستر عليه، فإن المتستر شريك الجاني!

توبة الموظف من خيانة الأمانة، الموظف والجندي ورجل الأمن الذي يأكل ماله بالباطل يأخذ مرتبه ولا يعمل، أو يعمل القليل ويأخذ الكثير، ويرى ذلك ربحا وشطارة!

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

21 شوال 1434 هـ

28 أغسطس 2013 م

 

التبويبات الأساسية