(اللعب في الوقت الضائع)

‫بسم الله الرحمن الرحيم

 

 الحدّ الأدنى لأيّ حكومةٍ في الدنيا، متعارفٌ على أن تقومَ به في حق رعيتها - ليعطيها حق الاستمرار والبقاء - هو شعورُ الناس بالأمن على أرواحهم وأموالهم، وفي طرقاتهم وأعمالهم ووظائفهم، وبقدرتِها على فرض سيادتها على ثروات الوطن، وكامل ترابه. 

فإذا استوفت الحكومة شروط بقائها هذه، فعليها بعد ذلك - بمقتضى اليمينِ الذي طوقت به أعناقَ أعضائها أمام ممثلي الأمة يومَ توليها - أن تُحقق العدلَ بين الرعية، وتتحلى بالشفافية، وأن تعمل على تساوي الفرص بين أبناءِ الوطن، المبنيّ على الكفايةِ والخبرة والمؤهل، في الوظائف والمناصب والإيفاد والمهمّات، وأن تعملَ على إيصال الحقوق لأصحابها، وعلى نصرة المظلومين، ومحاسبة المختلسين، وملاحقة المفسدين، ومساءلة المقصرين، والتقيد في ذلك كله بالقوانين، وخلاف ذلك - مَيلًا  لعصبيةٍ، أو تنفيذا لإملاءات  قبلية أو حزبية، أو طمعا لبقاءٍ في وزارة أو منصب - هو غشٌّ للرعية، وخيانة للأمانة والمسؤولية، ونكث للقَسم والعهد الذي عاهدَتِ اللهَ عليه، وأعطته يومَ أن حلفَت على الملأِ اليمينَ الغليظ، فأين الحكومةُ ومؤسسات الدولة من هذا كله؟!

الحكومةُ تقول في أحد بياناتها إنها لن تصبر إلى ما لا نهاية عن الخارجين عن القانون، فمتى يا ترى نهاية هذا الصبر الحكومي، وثروة البلد بأكملها مضى على اختطافها عنوةً بقوة السلاح شهر كامل، أو يزيدُ، والمجرمون والخارجون عن القانون منذ توليها في اطّرادٍ وازدياد ملحوظٍ . 

مسؤوليةُ أعضاء الحكومة في هذا وفي غيره مسؤولية تضامنية، إخفاقها وفشلها يتحمله كل أعضائها، على قدرِ مسؤولياتهم دون استثناء، ولا يُعفي أحدًا منهم، في هذا الظرفِ الحرجِ، عدم قدرته على إسماع أحد، أو عدم الأخذ برأيه ومقترحه، فاستمراره مع عجزه عن منع القتل والظلم ظلم.   

   عجزُ الحكومةِ عن الوفاء بالحدّ الأدنى لبقائها، يُفقِدها حقَّ استمرارِها، وليس من حقها أن تتمسكَ مع عجزها حتى تحلَّ بالبلد الكارثة، وتقعَ الواقعة، فالتاريخُ لا يرحم، واللهُ تعالَى منتقمٌ لا يغفل. 

من الظلم البَيّن للشعبِ الليبيّ، أن تُمَكَّن الحكومةُ وتُعطَى الثقةَ مِن المؤتمر بالأغلبية المطلقة، ولا تُعفى إلا بأغلبيةِ الثلثين، العدلُ أن يكونَ ما به التمكين، يكونُ به الإعفاءُ. 

نصيحتي للحكومة: إنّ التمسكَ بالبقاء مع العجزِ لعبٌ في الوقت الضائع.

واللعب في الوقت الضائع يدفع فيه الوطنُ - لا أقولُ كلّ يومٍ بل كلّ ساعة - الثمنَ باهظًا، من الأرواح والممتلكات، وتدميرِ المؤسسات، وتدمير الشباب، ونهب الأموال، وفقدان الهيبة، والاستخفاف بالسيادة، وتلك هي دروب ومسالك الفوضى العارمة.  

فهل هي خارطة طريقٍ مرسومة  لليبيا هذه الأيام، بعد كلّ ما قدمته من أرواحِ ودماءِ الشهداء؟!!

وأخيرا على المؤتمر الوطني العام أن لا يتردد ولا يتأخر في اتخاذ القرارات الجريئة والصارمة لحفظ أمن الوطن وثروته وأموال الأمة، والإسراع بالتمكين في المناصب الأمنية والمالية لمن يقدر بجدارة على القيام بها، وأن لا يسمح بمزيد من اللعب بالوقت.

 

الصادق بن عبدالرحمن الغرياني

الجمعة 30 شوال 1434هـ

الموافق 6 سبتمبر 2013

 

التبويبات الأساسية