قرار البرلمان بالتدخل الأجنبي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شرعتِ الحكومةُ منذ زمن (علي زيدان) واستمرت - بطريقة مستهجَنة - تستجدي دولَ العالم؛ لتدخل بجيوشها إلى ليبيا.

وفي كلّ مرةٍ تجدُ الصدّ والاستهجانَ والرد، لكنها لم تيأس ولم تتوقفْ، ولم تخجلْ من هذا العار.

مَن دعتهم وتدعوهم الحكومة إلى التدخلِ بجيوشِهم من الدول، كانوا أعقلَ منها وأبعد نظرا؛ كانوا يدركون أنّ تدخلَهم لنْ يجلبَ الأمنَ والاستقرارَ لبلدٍ يعرفونَ مدَى كراهيةِ شعبهِ المُدجّجِ بالسلاحِ للتدخلِ الأجنبيّ، فكانَ في ردّهم الحكمةُ والتبصرُ، وفي طلبِ الحكومةِ حماقةٌ غيرُ مسبوقةٍ!

تدخل الجيوش الأجنبية الذي اتفقَ أهلُ ليبيا في أحلكِ ظروفِهم، أيامَ حربِ التحريرِ الأولَى، على استنكاره، وعَدِّه خيانةً للوطن، ولم يجرؤْ عليه حتّى القذافِي - على سوءِ حالِه وفسادِ أمرِه – ها هيَ الحكومةُ مستميتة في طلبِه، والإلحاح عليه!!

انضمّ للأسف في هذا السعي الآثم لاستعداء الأمم علينا، البرلمانُ الوليدُ الذي جرجرتْه الثورةُ المضادةُ إلى حتفِه، وفقدِ مصداقيتِه.

ما كنا نحبُّ لهُ أن يبدأَ هذهِ البدايةَ المحزنة، المتّسِمةَ بالتهورِ والانقسامِ وعدم المسؤولية، وبالاستخفافِ المتعمّد بالتقيدِ بالإعلانِ الدستوريّ، والإجراءاتِ القانونية المنظّمةِ للتسلمِ والاستلام.

الأمرُ الذي استنكرتْه الاحتجاجاتُ الشعبيةُ الغاضبةُ، التي عبّرت عنِ استيائِها - الجمعةَ الماضية - مِن انعقادِه بهذه الصورة، وعدَّته خِذلانًا للقاعدةِ الشعبيةِ التي انتخبته؛ ممّا دعَا العديدَ مِن المدنِ إلى إصدارِ بياناتٍ بالتبرُّؤِ مِن مُمثليها، الّذينَ انضمُّوا إلى جلساتِه.

فهلْ أدركَ الأعضاءُ - الذينَ لا نشك أنّ فيهم الكثير من العقلاءِ الحريصينَ على الوطن - ما استدرجَتْهم إليهِ القياداتُ المتزعّمة انعقاد البرلمانِ قبل استكمالِ إجراءاتِه الدستورية؛ لِتخدمَ أجنداتٍ متحالفةً مع حفتر، والانقلابيين والثورة المضادة؟!

هل أدركُوا وجودَهم في برلمانٍ ينادِي على نفسِه بالريبة؟!

هو على عجلةٍ مِن أمره! يصدرُ قراراتٍ مصيريةً في حياة الأمةِ، قبلَ أن يضعَ لائحتَه الداخليةَ ويرتِّب أمرَه، وكأنّه يخشَى على أعضائِه - الذين بدأوا ينشقون - الانفضاضَ عنه.

قراراتٌ مصيريةٌ في حجمِ طلب تدخلٍ أجنبيّ بجيوشهِ إلى أرضِ الوطن،!

هل يُصَدق أنْ تُنتزعَ قراراتٌ بهذا الحجمِ هكذا مِن الأعضاءِ على عجلٍ؟!

هل أدركَ مَن صوَّتَ على مثلِ هذا القرارِ الخطيرِ- أو حتى مَن حضرَ ولم يصوّتْ، وأعطَى لهذهِ الجلساتِ الشرعيةَ المزعومةَ - التبعاتِ الوطنية والتاريخية، والمسؤولية الشرعية الدينية، لِما اقترَفوا في حقّ الوطنِ؟!

التاريخ لا يرحم، والله لا يغفل، فانتبه لما تصنع يا من وليت أمرا من أمور الأمة، فلا تجعله على نفسك يوم القيامة خزيا وندامة.

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

19 شوال 1435 هـ

الموافق 14 أغسطس 2014 م

التبويبات الأساسية