بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صوّت المؤتمر الوطني العام - أعلى سلطة شرعية منتخبة من القاعدة - بالإجماع، أو يكاد، على استكمال مهامه ضمن خارطة طريق واضحة المعالم والمدد، يمكن أن تجنب البلاد مخاطر الانزلاق إلى المجهول.
خرجت نداءات من بعض أطياف الحراك السياسي والمجتمع المدني، تطالب بإسقاط المؤتمر.
لا شك أن من هذه الأصوات الكثير ممن هو حسن النية يتمنى الخير لوطنه، ومطالبته بإسقاط المؤتمر اجتهاد يراه الأفضل، بغض النظر عما إذا كان أصاب في اجتهاده أم أخطأ.
لكن دون شك هناك أطراف أخرى سياسية، محلية وخارجية، تنفق أموالا طائلة وتخطط لانقلاب على الشرعية.
عملها سياسي بامتياز، تحاول الاستعانة عليه بالشارع، ليظهر وكأنه حراك (ديمقراطي!)، وليس سياسيا! وذلك على غرار ما حصل في مصر.
بل فيهم من يحاول أن يقلد المشهد المصري بحذافيره - حذو النعل بالنعل - فيتكلم عن تجميع توقيعات، مع استلام المحكمة الدستورية لزمام الأمور من المؤتمر!!
هذا مع توظيف منها لإعلام انتقائي، وصل إلى حد التشويش على بعض القنوات، ورفع هتافات سمعت في الميدان (لا لا لا ، للجزيرة لا) ذكّرنا بهتاف الأيام الخوالي (يا جزيرة يا حقيرة ...)،
ناهيك عن إجراء مقابلات تُحَمِّل دار الإفتاء مسؤولية كل الإحباط الأمني وغير الأمني الذي يشعر به المواطن في الدولة!!
لم يعد يخفى على أحد بعد اليوم، الناصح من الغاش، ولا الصواب من الخطأ!
فهل يكون على صواب من توافقت مطالبهم -سواء بحسن نية أو بتخطيط وتدبير - مع مطالب المدعو شاكير وقذاف الدم، ومع مطالب الخلايا النائمة المتربصة بالبلاد لإسقاط المؤتمر، أملا في مزيد من القلاقل، والانفلات الأمني، والفوضى، والدماء، واختلاط الأوراق، للقضاء على ما تبقى لدى المواطن من أمل في أهداف ثورته، حتى يرضخ - بعد أن يُصاب بالإحباط واليأس - لأي بديل يحكمه، مهما كان مستبدا أو انتهازيا سيء السمعة!
فلا نغتر بمن يتكلم من السياسيين في هذا الخضم عن الشعب، وأنه مع الشعب، ووراء الشعب، وسيحمي الشعب!
لم نر في التاريخ من الحكام من يقول: إنه قمعي، أو استبدادي، أو إنه ضد شعبه، فكلهم في الإعلام كانوا مع شعوبهم!
كان القذافي ينصب المشانق في الميادين العامة ويقول: الجماهير زحفت، الجماهير تصفي الخونة!!
بل يجعل (جماهيره) تهتف حول الضحية على أعواد المشنقة حتى تنشق حناجرها: (دوس على الرجعي والخائن).
ومع تبرئة واحترام من خرج معبرا عن رأيه اليوم دون تحشيد من أحد، سواء كان خروجهم صوابا أو خطأ، فإننا نقول للذين يحشدون الجموع: إن القذافي كان ربما يحشد له من الجموع الهاتفة به في المدن التي يزورها أكثر مما نراه اليوم!
فهل مثّل هتاف جماهيره قاعدة لـ (ديمقراطية الشارع) ؟!
وهل كان القذافي فعلا مع الجماهير ؟!
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
الجمعة ٧ ربيع الآخر ١٤٣٥ هـ
الموافق ٧ فبراير ٢٠١٤ م