المفاجأة من تعطيل الدستور المصري وصمت الأمة وعلمائها!

بسم الله الرحمن الرحيم

أخيرا تأتي مفاجأة تعطيل الدستور المصري لتصدم الصامتين من الأمة وعلمائها عما دُبِّر لمصر، وذلك بعد صدور قرار بتشكيل لجنة لإعادة النظر في مواد منه، أغلبها تلك التي تتكلم عن الحفاظ عن القيم والأخلاق والأسرة في المجتمع المصري، وعن حماية المعتقد، وعدم الطعن في المقدسات الدينية، وعن مراعاة القوانين لأحكام الشريعة الإسلامية ومصادرها المتعددة.

تتم مراجعة هذه المواد تحت تخوف الحكام الجدد من  معارضتها لحرية التعبير والحريات العامة!

والسؤال إذا كان في حماية المعتقد وحراسة الفضيلة تقييد لحرية الرأي والتعبير، فماذا يُسمى غلق القنوات الفضائية، واعتقال المراسلين، وحجز المعتقلين - بما فيهم الرئيس المنتخب - في أماكن مجهولة فور إعلان إسقاط الحكومة، واستمراره إلى هذه الساعة ؟!!!

العجيب أنه مع عدم القبول - دوليا ومحليا - لمبدأ عزل  الحكومات المنتخبة انتخابا صحيحا بالطريقة التي جرت في مصر، فقد سلم به وقَبِلَه هذه المرة الغرب راعي (الديمقراطيات) الحديثة، والمدافع عن حقوق الإنسان حيث لا يخطر على بال أحد في بقعة ما، تَعَرُّضُ حقوق لانتهاك أو ضياع.

بل  لا يقف العجب عند هذا الحد، فإن الأغشم والأتعس أن الذي دفع (فاتورة) الوصول إلى السلطة بهذا الأسلوب العنتري  المسلح، حتى يُراجَع في دستور مصر بعناية كل ما له علاقة بالفضيلة أو احترام المعتقد والشريعة - الذي دفع ويدفع هذه (الفاتورة) الباهضة هم بنو جلدتنا!!

فالغرب راعي (الديمقراطيات) يكفيه أن  يبارك المسإلة من أصلها دون أن يطلب تفصيلاتها، فخيوطها إن لم تنسج في مصانعه هي غير خافية عنه، ومن تفصيلاتها التي لم تخف عنه - دون شك - ويتقبلها بارتياح، مراجعة مواد الدستور التي تحمي المعتقد وتحمي الأسرة والفضيلة وتطالب بالرجوع إلى مصادر الشريعة المتعددة عند سن القوانين - مراجعة هذه المواد وتعديلها بعد أن استُفتي عليها الشعب المصري بأغلبية الثلثين، لتعديها حسب تصريحات الحكومة الحالية - يكفي الغربَ الرضى به والمباركة له، أما المال اللازم لاقتلاع ما له صلة بالشريعة وللانقلاب على الشرعية، فهو ضريبة الحاكم العربي  ما دام (العم سام) راضيا، وما دام التعديل الدستوري يتبرأ من حماية المعتقد، وحماية الأخلاق.

فهل أدرك علماء الأمة والأزهر الشريف خطورة صمتهم عما يُدَبَّر؟!

(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئسما يشترون) 

وهل أدرك حكام الأمة - بمباركتهم أو سكوتهم عن هذا المكر بالليل والنهار - أي منقلب ينقلبون؟!

لقد صح عن النبي ص من حديث مَعقِل بن يَسار رضي الله عنه - المتفق عليه - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ)‪.

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

١٦ رمضان ١٤٣٤ هـ

٢٥ يوليو ٢٠١٣

 

التبويبات الأساسية