الدفع إلى طريق مسدود

بسم الله الرحمن الرحيم

 

    هناك كتلةٌ من أعضاء المؤتمر تتغيب عن حضور الجلسات في هذا الوقت العصيب البالغ الصعوبة.

كان مُقتضَى المسؤولية، التي حَمّلهم إياها مواطنوهم، أن يعيشوا معهم معاناتهم من داخل المؤتمر، في انعقادٍ مستمر؛ ليتعاونوا مع الحكومة على حل المشاكل، التي تتراكمُ وتتزاحمُ يومًا بعدَ يوم، ولا تتوقف؛ ماذا سأعُدّ منها، وماذا سأترُكُ؟!!

مشكلةُ الاغتيالاتِ والقتلِ والخطفِ، الذي لم يُحوّل فيهِ أحدٌ حتّى الآن إلى النيابة، ولا يزالُ يُسجَّل ضدّ مجهول!!

مشكلةُ القتال الدائرِ في بنغازي، بالقاذفاتِ والأسلحةِ الثقيلةِ وتداعياتِه؛ قتلٌ للمدنيّين الأبرياء، واستهدافٌ للممتلكاتِ ومخازنِ التجارة، التي تُغذّي بنغازي ومدنَ الجنوب بالسلع ومستلزماتِ الحياة!

تعليقُ الدراسةِ في الجامعة!

نزوحُ العديدِ مِن السكان الذين دُمّرت بيوتهم، أو هَربوا من الموت!!

مشكلةُ الوقودِ وتأمينه مِن الذين يسلبونَ المحطاتِ، ويهدّدون أصحابَها!

مشكلةُ المصارفِ، وحماية نقل الأموال من قطاع الطرق!

مشكلةُ تأمينِ وصولِ الدقيق إلى المخابز، وانقطاع الكهرباء!

مشكلةُ موانئِ وحقولِ النفط، التي ذهبت - إلى حدِّ الآن - بثلاثين مليارًا من أموالِ الليبيين، عدا الخسائرِ غيرِ المباشرةِ على قطاع النفط !

مشكلةُ التدفّقِ الهائلِ المُروّع لكمياتِ الحشيشِ والمخدراتِ والخمورِ، التي دمرت وتُدمرُ عقولَ الصغار والكبار، وتورّدُ إلى ليبيا بالحاويات!

مشكلةُ الحدودِ المستباحةِ، وطوفان الهجرةِ غيرِ الشرعيةِ! 

مشكلةُ الدورِ الذي تلعبُه أجهزةُ الاستخباراتِ الأجنبيةُ في زعزعةِ الأمن والاستقرارِ، وربّما الاغتيالات التي تُرفعُ ضدّ مجهول!

  فهل هذا وغيرُه الكثير ممّا تَشيب منهُ الولدان، ويستفحل مع الأيام، كلّه لا يحرّكُ شعورَ الأعضاءِ، الذين يَتغيبونَ عن حضورِ جلساتِ المؤتمر، ليتألّموا لآلامِ مُواطنيهم! 

ألم يَسترْعِ بَعدُ اهتمامَهم، ليتحمّلوا مسؤولياتِهم؟!

إذا كان هذا كلٌّه لم ينبّه السادةَ الذين يتغيّبون مِن أعضاءِ المؤتمرِ إلى مسؤُولياتِهم، فمتَى يتنبهون؟!!

هؤلاءِ السادةُ الأعضاءُ - بالتأكيد - لا يزالونَ أعضاءَ في المؤتمر، ولا يزالونَ يمثّلون الشرعية التي انتخبها الشعبُ الليبي، بدليلِ أنّ منهم مَن يَخرج - مع غيابه عن الجلسات - ويمثلُ المؤتمرَ في مهامّ خارجَ ليبيا.

هم - معَ هذهِ الشرعيةِ التي يعترفون بها - بعضُهم للأسفِ يعلنُ تأييدَه لانقلابٍ عسكريٍّ منشقٍّ عن رئاسةِ الأركانِ وعن الشرعيةِ، التي هم جزءٌ منها!! 

فهل هم مع الشرعيةِ التي يمثلونَها في المؤتمر، أم مع الخارجين عليها؟! أليسَ هذا أمرًا عجبًا محيّرًا حقًّا؟

ثم الأعجبُ منه؛ أنّ بعض المتغيبين لا يكتفونَ بعدم الحضورِ، وتخلّيهم عن واجبِهم الوطنيّ بممارسةِ سلطاتِهم، التي اؤتمنوا عليها، بل لا يريدونَ أيضًا من الأعضاء الآخرين أن يعملوا، وكلّ جلسةٍ تلتَئمُ في غيابِهم يماحِكون في صحتِها وقانونِيتها، ويلوّحونَ بالطعنِ فيهَا أمامَ القضاءِ، كما طعنُوا في قرارِ الحكومةِ؛ ليزجوا بالقضاءِ في المناكفات والتجاذباتِ السياسيةِ الحادّة داخلَ المؤتمرِ، حتّى يفقدَ القضاءُ هو الآخرُ هيبتَهُ، فلا يبقَى للنّاسِ بعدَه شيءٌ يثقونَ فيه، وحينَها لا يبقَى لهم سِوى السلاحِ، يتحاكَمونَ إليه.

   فهل مَن يتغيّبونَ عنِ المؤتمرِ في هذا الوقتِ الحرج، ويحاولونَ الطعنَ في كلِّ قرارٍ يُتّخذُ في غيابهم، يَخفَى عليهم أنّه إذا تعَطّلت الشرعيةُ، واستمرّ الدفعُ في هذا الطريقِ المسدودِ، لم يبق للناس إلا السلاحُ! 

فهل هذا يُرضِيهم ؟!

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

الجمعة 15 شعبان 1435 هـ

الموافق 13 يونيو 2014 م

 

التبويبات الأساسية