ما حكم البيع بالتقسيط مع الزيادة في ثمن السلعة؟ |
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. تعرض بعض شركات التسويق للسيارات وغيرها كالأثاث والمعدات سلعها بسعرين ؛ سعر معجل وسعر مقسَّط مؤجل ، وكثيرا ما يكون السعر المقسط أعلى من السعر المعجل ، وقد جوز جمهور الفقهاء في هذه الحالة للمشتري أن يختار الشراء بالسعر المقسط الأعلى ، لأن البيع بالتقسيط معناه البيع بالنسيئة والدين ، وهو جائز ، لما صح عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ : (اشْتَرَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ)، (البخاري حديث رقم 1990)، وبالقياس على بيع السلم الذي يؤجل فيه المثمون ، لأن الثمن في بيع التقسيط أحد عوضي البيع ، كالمثمون في بيع السلم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) ، (مسلم حديث رقم 1604)، فهذا يدل على تأجيل الثمن في البيع . أما الزيادة في الثمن لأجل الأجل ، فمشروعة أيضا عند جمهور العلماء ، لأن البائع تجوز له الزيادة في الثمن ابتداء حتى لو لم يكن أَجَلٌ ، فالأجل لم يعطه زيادة في المال لم تكن من حقه ابتداء ، لذا شاع في أقوال الفقهاء : للأجل في البيع حصة من الثمن ، ففي بدائع الصنائع 5/224: (الثمن قد يزاد لمكان الأجل) ، وفي تبيين الحقائق 4/78: (يزاد على الثمن لأجل الأجل) ، وفي حاشية الدسوقي 3/165: (لأن له ـ أي للأجل ـ حصة من الثمن) ، وكذلك في شرح الزرقاني على خليل 5/176 بزيادة : (ويختلف قربا أو بعدا) ، وفي المجموع شرح المهذب 13/6: (الأجل يأخذ جزءا من الثمن) . لكن البيع بالتقسيط مع الزيادة وإن كان أصل حكمه الجواز ، فقد تقترن به شروط تحوله إلى عقد ربوي وتفصيل ذلك على النحو الآتي : 1 ـ إذا كان الشراء بالتقسيط مع زيادة الثمن دون (كمبيالات) أو أي أوراق مالية أخرى قابلة للخصم ، كالصكوك ، واقتصر البائع في توثقه في دينه على رهن أو كفالة ، فالأمر جائز ، إذ لا محذور فيه ، وله أن يجعل المبيع نفسه رهنا في ثمنه ، فيمنع المشتري من التصرف فيه ، على أنه مرهون إلى سداد جميع الأقساط . 2 ـ إن كان في البيع بالتقسيط بالإضافة إلى البائع والشاري وسيط ثالث وهو المصرف ، ولم يوقع الشاري (كمبيالات) أو أي أوراق مالية قابلة للخصم ، وكان دور المصرف فقط الخصم من حساب الشاري قيمة القسط ، وتحويلها إلى حساب البائع مقابل عمولة يأخذها المصرف على هذا التحويل ، فالمعاملة جائزة أيضا إذ لا محذور فيها ، والعمولة التي يأخذها المصرف هي أجرة على خدمة يقوم بها ، إذ ليس هو طرفا في المعاملة . 3 ـ إن كان البائع يطلب كمبيالات أو أي أوراق مالية قابلة للخصم ، وينوي البائع تقديمها إلى المصرف قبل حلول الأجل ، ليعطيه المصرف القدر المعجل من قيمتها فورا ، ويحتفظ بنسبة منها مقابل التأجيل إلى أن يتم سداد الأقساط إلى المصرف ، ويصير الشاري بذلك مدينا للمصرف ، بدل كونه مدينا للبائع ـ فإن المعاملة بهذه الصورة تكون معاملة ربوية من ربا النسيئة لا تحل ، لأن العلاقة بين الشاري والمصرف تحولت إلى علاقة دائن ومدين ، وقيمة الأقساط التي يدفعها المدين (الشاري) إلى المصرف تزيد على القدر الذي دفعه عنه المصرف إلى البائع في خصم (الكمبيالات) . 4 ـ كذلك يمتنع البيع بالتقسيط لو كان البائع يأخذ جزءا مقدما من الثمن ، ويقسط الباقي على الشاري ليدفع له الأقساط من مرتبه عن طريق المصرف ، وفي الوقت نفسه يتفق البائع مع المصرف على أن يعجل له باقي الثمن المؤجل ، بسعر البيع من غير تأجيل ، فيصير الشاري مدينا للمصرف بهذا المعجل ، ليأخذ المصرف أزيد منه بمقتضى الأقساط ، فهذا أيضا ربا محرم . أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . الصادق بن عبد الرحمن الغرياني |
تاريخ الإجابة 2007-11-25
شوهدت 11439 مرة