السلام عليكم شيخنا الكريم نود منكم إفادتنا في مسألة مراعاة الخلاف عند المالكية وبارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
المالكية أحيانا يراعون الخلاف وأحيانا لا يراعونه ومعنى مراعاة الخلاف: عمل المستدل بدليل المخالف في المسألة ، بما لا يبطل دليل المستدل بالكلية ، وذلك لرجحان الدليل المراعى وقوته .
والدليل على مراعاة الخلاف عند من يقول به أمران: الأول : الدليل الدال على وجوب العمل بالأرجح ، وهو مسلم به . الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ)) ، فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالولد لصاحب الفراش ، وهو زمعة والد سودة ، على مقتضى ما هو مقرر في الشريعة أن الولد ينسب لصاحب الفراش ، ويلحق به ، لأن الابن المتنازع فيه بين سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة وُلد على فراش زمعة ، حيث إن أمَّه أمة لزمعة ، لكن لما وجد النبي صلى الله عليه وسلم شبها بين الولد وبين عتبة بن أبي وقاص الذي اتصل بأمة زمعة وقت الكفر في الجاهلية ، وأوصى لأخيه سعد أن يستلحق ولدها بعد ولادته ، أمر صلى الله عليه وسلم مراعاة لهذا الشبه ـ وهو دليل من الأدلة ـ أمر سودة بنت زمعة أن تحتجب من الولد مع أنه أخوها ولد على فراش أبيها ، وذلك لشبهه بعتبة بن أبي وقاص ، فعمِل صلى الله عليه وسلم بالشبه في خصوص الاحتجاب منه ، وعمل بالفراش فيما سوى ذلك من استحقاق النسب وغيره ، وأنكر كثير من المحققين القول بمراعاة الخلاف ، وقالوا الواجب على المجتهد اتباع الدليل إن اتحد ، والراجح منه إن تعدد ، أما القول بالمراعاة فهو من إعمال المجتهد لدليل غيره ، وترك دليله ، وهو ممنوع.
ومن أمثلته في الفقه المالكي: 1 ـ النكاح المختلف في فساده يثبت به الميراث ، ويحتاج في فسخه إلى طلاق ، مراعاة للخلاف . 2 ـ من دخل مع الإمام في الركوع ، وكبر للركوع ناسيا تكبيرة الإحرام ، فإنه يتمادى ، مراعاة لمن يقول : إن تكبيرة الركوع تجزيء عن تكبيرة الإحرام . 3 ـ ومن قام إلى ثالثة في النافلة ، وعقدها يضيف إليها رابعة ، مراعاة لمن يجيز التنفل بأربع.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
شوهدت count[5] مرة