صور للقروض وتعامل المصرف مع المؤسسات

السؤال: 

بعض المؤسسات اتَّفقت مع أحد المصارف على أن تودع عند المصرف مالا بمبالغ كبيرة إلى آجال محددة على شرط أن يعطي هذا المصرف لموظفيها قروضا خالية من الفوائد. فهل يجوز للموظفين أن يأخذوا هذه القروض التي لا يدفعون عليها فائدة، أم أنها تدخل في قرض جر نفعا المحرم؟ ذلك لأن المصرف سينتفع من المؤسسة ـ التي هي طرف ثالث ـ في إيداع أموالها لديه، وهي فائدة له وإن لم ينتفع من المقترضين. وهناك صورة أخرى شبيهة بها: وهي أن المؤسسة لا تودع أموالا لدى المصرف وإنما تطلب من المصرف أن يعطي قروضا للموظفين ولا يأخذ منهم فائدة، على أن تدفع المؤسسة الفائدة نيابة عن موظفيها، فهل يجوز هذا؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

كل من الصورتين غير جائزة، لما فيها من النفع للمُقْرض، فالصورة الأولى ينتفع فيها المُقْرض بإيداع طرف ثالث مالا عنده، قال الصاوي عند قول الشيخ الدردير: (وفسد القرض إِنْ جَرَّ نَفْعا للمُقْرض)، ما نصه: (... وَمِنْ ذلك فَرَّع مالك وهو أن يقول شخص لِرَبِّ الدَّيْن: أَخِّر الدَّيْن وأنا أُعْطِيك ما تحتاجه, لأن التأخير سَلَف)، (الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3/295). وأصل الكلام لمالك رحمه الله، قال الحَطَّاب: (السَّلَف إذا جَرَّ مَنْفَعَة لِغَيْر المُقْتَرض فإنه لا يجوز، سواء جَرَّ نَفْعا للمُقْرِض أو غيره، قال في رسم كتب عليه ذُكْر حق من سماع ابن القاسم من كتاب السلم والآجال: له على رجل عشرة دنانير حَلَّ أَجَلُها فيَعْسُر بها فيقول له رجل: أَخِّره بالعشرة وأنا أُسْلِفك عشرة دنانير، قال مالك: ... لا خير فيه). قال ابن رُشْد: لأنه سَلَف جَرَّ نَفْعا، إذ لا يَحِلُّ السَّلَف إلا لِمُرِيد مَنْفَعَة المُتَسَلِّف وحده لا للمُسَلِّف ولا لمن سواه . (انظر مواهب الجليل 4/547)

الصورة الثانية أيضا غير جائزة لأن القرض المشروع لا بد أن يَتَمَحَّض النَّفْع فيه للمُقْتَرض، فإذا حَصَل منه نفع للمُقْرِض ـ سواء كان النفع مِنَ المُقْتَرض أو من المُؤَسَّسة في صورة السؤال ـ مُنع، لِخُرُوجِه عن أصل مشروعيته وهي الإرفاق والإحسان، ولِمَا صَحَّ عن ابن عباس وابن سلام رضي الله عنهم: (كُلُّ سَلَف جَرَّ نَفْعا فهو رِبًا) (السنن الكبرى 5/349)، وهو عام في كُلِّ نَفْع للمُقْرض سواء كان من المُقْتَرض أو مِنْ غيره، وجاء في أسنى المطالب 2 / 142: (ويبطل قرض بشرط جر منفعة إلى المُقرض)، والله أعلم.

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

تاريخ الإجابة: 
الأحد, يونيو 15, 2008

شوهدت 11425 مرة

التبويبات الأساسية